إنعدام التجاوب السوري أعاق بشكل كبير عمل لجنة التحقيق
شهود لبنانيون كبار رفضوا تسليم نسخة من إفاداتهم للجانب اللبناني

المستقبل - الجمعة 26 آب 2005 - العدد 2020 - الصفحة الأولى - صفحة 1

حصلت "المستقبل" على نص التقرير الاجرائي الذي تقدم به ابراهيم الجمبري نائب الأمين العام للشؤون السياسية أمام أعضاء مجلس الأمن نيابة عن رئيس لجنة التحقيق الدولية ديتليف ميليس والذي تنشره حرفياً بترجمة غير رسمية على النحو الآتي:

"أعرب عن امتناني لإعطائي فرصة جديدة لابلاغ أعضاء المجلس بشأن التقدم الذي حققته لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة في لبنان كما طلب المجلس في الفقرة التنفيذية رقم 9 من قراره رقم 1595 للعام 2005. ومنذ تم إبلاغ المجلس في آخر مرة في 11 تموز 2005 أحرز المفوض السيد ديتليف ميليس تقدماً ملموساً في مسار التحقيق، وفي الوقت نفسه تم تدعيم إدارة البعثة وتقديم الدعم الأمني لها.

إن هذا العرض يستند إلى التقارير الأخيرة التي رفعها المفوض إلى مقر الأمم المتحدة بشأن القدرة العملانية للجنة وتطور برنامج عملها ونتائج التحقيق حتى الساعة، وأنا متأكد من أن أعضاء المجلس سيتفهمون انه من المبكر كشف الكثير من التفاصيل بشأن التحقيق بينما العمل ما يزال في طور التقدم.

بتاريخ 15 آب 2005 كان هناك 87 عاملاً دولياً و39 عاملاً محلياً مع اللجنة، ومن أصل الموظفين الدوليين هناك ثلاثون محققاً ينتمون إلى 14 دولة مختلفة. إن كلاً من المقر الدائم والقاعدة العملانية المتقدمة للجنة في وسط بيروت كلاهما في طور العمل الكامل. وقد جرى استخدام تسهيلات أخرى على قاعدة الحاجة إلى إجراء مقابلات آمنة مع الشهود. إن الفريق الأمني مكتمل ميدانياً كما أن قاعدة الدعم للجنة هي بكامل قوتها أيضاً، وقد تم تحضير مسودة موازنة لتقديمها إلى المجلس وللهيئة الخامسة في الجمعية العمومية.إن من أهم مزايا هذه العملية ان الكثير من هيئات منظومة الأمم المتحدة ساهمت في تقديم الموظفين والمساعدة المادية للجنة التحقيق الدولية للسماح بتشكيلها السريع والتركيز المبكر على لبّ عملها، وهذا ما يعني أيضاً انه تم تفادي إنشاء هياكل إدارية غير ضرورية، وقد تقدمت "اليونيفيل" و"الاسكوا" والمركز الإعلامي للأمم المتحدة بشكل خاص بدعم واسع للجنة، وبالإضافة إلى ذلك قامت عشر هيئات اخرى من الأمم المتحدة والانتربول والشبكة القضائية الأوروبية التابعة للمجلس الأوروبي بمساعدة اللجنة بأشكال متعددة. ويعرب السيد ميليس وفريقه عن امتنانهم الكبير للدعم الذي تلقوه في هذا المجال.

وتواصل اللجنة الحصول على دعم هام على شكل مشورة متخصصة من عدد من الدول الأعضاء، على سبيل المثال يقوم فريق مشترك بالعمل في مسرح الجريمة في الوقت الحالي لمتابعة عدد من المسائل الجنائية، ونعبّر عن شكرنا للدول والمنظمات الدولية التي وفّرت الخبراء والدعم الاختصاصي للجنة، في الوقت نفسه هناك تفاوت مستمر من السلطات اللبنانية والمؤسسات المالية بشأن التحقيق.

ويسرّني الابلاغ ان الاردن وإسرائيل تجاوبا مع طلبات المساعدة من اللجنة، وقد قامت اللجنة أيضاً بإرسال طلب إلى الجمهورية العربية السورية في 19 تموز لمقابلة خمسة شهود وللحصول على وثائق قبل نهاية تموز. ولم يتم تسلم أي جواب. ولكن في 18 آب اتصل المندوب الدائم للجمهورية العربية السورية في الأمم المتحدة بالمفوض ميليس بواسطة قسمنا للتعبير عن استعداد سوريا للدخول في محادثات مع اللجنة، وفي وقت تبقى اللجنة منفتحة دائماً على المحادثات وهو تماماً ما اقترحه السيد ميليس على سوريا في رسالته في 11 حزيران، لا يمكن للمحادثات ان تحلّ محل المساعدة المطلوبة لأغراض التحقيق، وبالتالي فإن رأي السيد ميليس هو ان غياب الاستجابة السريعة من قبل الجمهورية العربية السورية أعاق بشكل كبير عمل اللجنة.

كان الشهر الأول من عمل اللجنة مركزاً بشكل أولي على اطلاع المحققين على الوضع الحالي للتحقيق بما في ذلك مراجعة وتقييم الإجراءات التي قامت بها السلطات اللبنانية، وبالتالي فإن وقتاً كبيراً استخدم لتحليل المواد الكثيرة التي وفرها المدعي العام للجنة وتلت ذلك مقابلات موسعة مع شهود رئيسيين على أساس المواد التي تمت مراجعتها وركزت بشكل أساسي على المواضيع الآتية:

ـ إعادة رسم نشاطات السيد رفيق الحريري وأمكنة تواجده مباشرة قبل التفجير.

ـ مراجعة ومتابعة الاستنتاجات والنتائج الناجمة عن النشاطات التي قامت بها السلطات اللبنانية في مسرح الجريمة نفسه والمناطق المتاخمة.

ـ فحص الدلائل المتعلقة بالتلاعب بالأدلة.

ـ رسم وتحديد جميع أعمال الطرقات التي نفذت في مسرح الجريمة قبل التفجير.

ـ التحقيق في أمكنة تواجد أبو عدس ونشاطاته، وهو الشخص الذي أعلن باسم مجموعة النصرة والجهاد في بلاد الشام عن مسؤوليته عن اغتيال الرئيس الحريري من أجل تحديد أي دور له وفي حال النفي ماذا حلّ به.

ـ فحص جميع الأدلة المتعلقة بشاحنة "الميتسوبيشي كانتر" التي وجدت قطع منها في مسرح الجريمة.

ـ تحديد العديد من الأرقام الهاتفية وتجميع وتحليل سجلات المكالمات التي وفرتها شركات الاتصالات اللبنانية.

ـ تجميع وتحليل أشرطة كاميرات المراقبة والفيديو والصور الفوتوغرافية المجمعة من مصادر عديدة والتي تظهر مسرح الجريمة والمناطق المتاخمة قبل التفجير وبعده.

ـ الحصول على العمليات المالية ذات الصلة وتحليلها.

ـ وقد أدى هذا التحليل إلى ظهور عدد كبير من الشهود الإضافيين، وفي الوقت نفسه تم إنشاء خط هاتفي ساخن يمكّن أي شخص من الاتصال باللجنة لتقديم معلومات حول القضية، وقد أدى هذا الإجراء إلى عدة مقابلات جديدة وأطراف خيوط وجب تقييمها.

إن تجميع الملفات والأدلة وتنظيمها مثّل عملية مستهلكة للوقت، وقد قامت اللجنة بشكل منهجي بصيانة وتحسين نظامها لتخزين وتسجيل الأدلة بما فيها آلاف صفحات من الوثائق والإفادات المكتوبة إضافة إلى العديد من أشرطة الفيديو والصور الفوتوغرافية، كما قامت ببحث المسائل القانونية ذات الصلة بمشاركة السلطات اللبنانية عبر التعمّق في القانون الجنائي اللبناني وأصوله لضمان البروتوكولات الملائمة لعمليات التقصّي والتوقيف واستجواب المشتبه بهم ووثائق الاتهام، وقد كانت مساعدة السلطات اللبنانية في هذه المسائل ثمينة جداً.

وقد تميّز الشهر الثاني من التحقيق بتبديل في الاتجاه والأولويات، إذ بدأ المحققون يطوّرون ويتابعون خيوطاً جديدة ويتعقبون شهوداً جدداً على أساس الاستنتاجات في سلسلة من إجراءات التحقيق والتحاليل المهنية، وخلال هذه الفترة اتصلت مصادر حساسة باللجنة ووفرت معلومات مفيدة للغاية، بالإضافة إلى ذلك تم استجواب عدد كبير من المسؤولين الكبار في السلطات اللبنانية من أجل إيضاح مسؤولياتهم وسلسلة الأوامر ومدى تورطهم في أحداث 14 شباط.

وقد وجهت أسئلة حول سبب اتخاذ قرارات معينة في حينه وسبب عدم اتخاذ قرارات أخرى، وتم تدعيم التحقيق بموظفين إداريين متخصصين وبرنامج معلوماتي جديد تم تركيبه لتدعيم استخدام قاعدة المعلومات.

سيدي الرئيس

واليوم ان برنامج عمل اللجنة أحرز تقدماً كبيراً، بعد مرور سبعين يوماً على إعلان الأمين العام وضع لجنة التحقيق الدولية التابعة للأمم المتحدة حيز التنفيذ في 16 حزيران 2005، وقد تم استجواب ما مجموعه 243 شاهداً وتسجيل 136 إفادة وتحضير 107 تقارير محققين من قبل فرق التحقيق، وبالإضافة إلى ذلك تم تحضير مجموعة من تقارير التقييم المعمّقة وتقارير المحلّلين.

إن هذه الجهود والوثائق الناجمة عنها أتاحت الآن للتحقيق أن يحدّد:

ـ قاعدة صلبة لإعادة رسم نشاطات السيد الحريري وأماكن تواجده قبل التفجير.

ـ فكرة واسعة حول نشاطات السيد الحريري قبل التفجير.

ـ معرفة واسعة بالإجراءات الأمنية المتخذة لحماية السيد الحريري بما فيها تحديد الحلقات الضعيفة ذات الصلة.

ـ صورة متماسكة لطبيعة الجريمة.

ـ مؤشرات محددة حول أين يجب التركيز من أجل تحديد الدافع.

ـ مؤشرات محددة حول أين يجب التركيز من أجل تحديد مرتكبي الجريمة.

نحن الآن في الشهر الثالث من عمل اللجنة، في آب ومطلع أيلول سيقوم فريق مشترك من الخبراء الهولنديين والبريطانيين واليابانيين بفحص جنائي شامل لمسرح الجريمة نفسه وللمناطق المتاخمة بما في ذلك قعر البحر قرب موقع التفجير. إن هدف هذه العملية هو تقييم كل الدلائل المادية المتوافرة في مسرح الجريمة وإعادة تركيب جهاز التفجير المبتكر الذي تم استخدامه.

في هذه الأثناء ستتواصل عمليات التحقيق العادية وسيبقى التحقيق على نظرته الشاملة بهدف الإجابة عن الأسئلة المفتوحة وخفض عدد الشهود وتحديد التقنيات المستخدمة في الاغتيال، وفي الوقت الحالي ما زال هناك 55 شاهداً يجب استجوابهم، ومن التجربة يمكن التوقع أن هذه المقابلات ستنجم عنها الحاجة إلى استجواب شهود جدد.

السيد الرئيس، لقد لفت المفوض إلى أن معظم الشهود المستجوبين عبّروا عن توجسهم من وضع المعلومات بتصرف السلطات اللبنانية وقد أشار عدد كبير من هؤلاء الشهود إلى رفضهم تسليم نسخة عن إفاداتهم للجانب اللبناني، حتى ان عدداً من المسؤولين الكبار أصرّوا على أن تبقي اللجنة إفاداتهم في حوزتها حتى اكتمال عمل التحقيق.

هناك شعور واضح من انعدام الثقة العميق من قبل العديد من الشهود الممكنين بشأن الأجهزة الأمنية اللبنانية والجسم القضائي، وغالباً ما تتعرض صدقيتها والقدرة على الاتكال عليها إلى التشكيك، وستكون هناك حاجة لتوجيه اهتمام خاص نحو إعادة بناء مصداقية الأجهزة القضائية والأمنية وإعادة بناء الثقة الشعبية بها كي يمكن إجراء أي ادعاء أو محاكمة محتملين.

وبرأي السيد ميليس كان شهر آب شهراً حيوياً للتحقيق، ومن طبيعة هذا النوع من التحقيق أنه لا يمكن توقع مساره ولا يكتمل عمله دائماً بطريقة منظمة حسب جدول زمني محدد مسبقاً. إن خطوات التقدم يمكنها أن تتعرض إلى نكسات، وهناك دائماً مجال للمفاجآت وللمعلومات الجديدة وللتطورات غير المتوقعة.

يمكنني القول في الخلاصة إن السيد ميليس يتوقع إتمام عمله في أقرب وقت ممكن للمهلة الأساسية التي حددها المجلس، وفي حال احتاج إلى مزيد من الوقت للتأكد من أن كل الدلائل وكل الخيوط تم تعقبها بشكل كامل سيقوم الأمين العام بتمديد المهلة الزمنية للتحقيق وسيبلغ المجلس حسب المقتضى".