عمر عارف حمادة (*)

لقد اظهر وليد جنبلاط في تصديه لمروجي الفتن من اعداء هذا الوطن المتربصين بأمنه واستقراره وتقدمه وحريته والذين ارتكبوا جريمة خطف واغتيال الشهيدين الطفل زياد منير الغندور (12 سنة) والفتى زياد حسين قبلان (22 سنة)، أظهر الكثير من الحكمة والدراية لتجنيب البلاد السقوط في هاوية الحرب الأهلية والاقتتال الطائفي المذهبي. لقد تعالى على الجراح واحتكم الى العقل كعادة ابناء ملته من الموحدين الدروز فأجهض ما كانت تسعى اليه قوى الغدر والشر من وراء هذه الجريمة النكراء.

وجمع بين كل اللبنانيين من خلال دعوته الى ضبط النفس وعدم تسييس هذه الجريمة والاحتكام الى الدولة وأجهزتها الأمنية والقضائية لكشف ملابساتها والاقتصاص من مرتكبيها. وإبعادها بالتالي من دائرة أي تجاذب حزبي أو طائفي أو فئوي مذهبي.. لأنها جريمة تستهدف أمن كل اللبنانيين في أي موقع سياسي كانوا معارضة أو موالاة.


أقدم وليد جنبلاط على اتخاذ هذا الموقف الوطني المسؤول ليس من موقع ضعف أو خشية من أحد بل تعبيراً عن رفضه لجر أبناء هذا الوطن الى سفك دماء بعضهم البعض خدمة لصالح هذا الطرف الاقليمي أو ذاك.. ومن أجل تفويت الفرصة على من يريدون الاصطياد في الماء العكر والعودة بالتاريخ الى الوراء واعادة لبنان مجدداً الى عتمة نظام الوصاية الأمنية السائد عبر بوابة الفتنة الداخلية.


قبل أسابيع من اغتيال الشهيدين زياد قبلان وزياد الغندور استطاع وليد جنبلاط ان يجهض محاولات بعض العناصر المشبوهة اثارة الفتنة في المناطق التي يتركز فيها ثقله ونفوذه السياسي في جبل لبنان "الشوف، جرد عاليه، الشحار الغربي وأعالي المتن" وذلك من خلال سلسلة من الاستفزازات المتنقلة بين هذه البلدة او تلك من أجل جر انصاره الى ردات فعل تقود الى ضرب الاستقرار الأمني وجر العائلات الى دوامة الاقتتال الأهلي. وقام في جولة على المناطق حيث وقعت هذه الاستفزازات داعياً أنصاره الى ضبط النفس والاحتكام الى الدولة وأجهزتها الأمنية والقضائية عند وقوع أي أشكال أمني والى تغليب منطق الحوار العقلاني في حل الخلافات السياسية ووضع هذه الخلافات في اطارها الديموقراطي السلمي والتمسك بالصيغة السياسية اللبنانية القائمة على التعددية الحزبية وتكريسها في منطقة الجبل عبر تأمين حرية العمل السياسي لجميع الاطراف الحزبية على أن يكون السلم الأهلي خطاً أحمر لا يمكن السماح لأحد بتجاوزه... ولاقت جولته هذه كل التجاوب من مختلف العائلات والقيادات السياسية الواعية.. وخلال هذه الجولة.. لم ينس توجيه الدعوة الى شركائنا في الوطن في العودة الى المنطق الوطني السليم وايجاد حلول للأزمة الحادة التي تمر بها البلاد من خلال الحوار العقلاني الموضوعي للتوصل الى قواسم سياسية ووطنية مشتركة والعمل معاً لتعزيز فاعلية دور الدولة التي يجب أن تكون الملاذ الوحيد لكل اللبنانيين وذلك بعيداً عن أي وصاية خارجية قريبة كانت أم بعيدة. وفي مواقفه هذه يلتقي رئيس اللقاء الديموقراطي مع رئيس تيار المستقبل الشيخ سعد الحريري وباقي حلفائه في لقاء 14 آذار في رفض الفتنة وحماية السلم الأهلي وفي أن لا حل لخلافات اللبنانيين الا من خلال الحوار الديموقراطي السلمي "فالمواقف السياسية والوطنية التي تجمع بين القيادات السياسية اللبنانية الفاعلة هي أكبر بكثير من تلك التي تفرق بينهم، وذلك عندما تتوفر الثقة المتبادلة بين هذه القيادات وعندما نبعد التدخلات الخارجية بالشأن اللبناني ونحافظ على قرارنا الوطني المستقل الحر.

(*) إعلامي