محمد طه الولي، وشهرته الشيخ طه الولي ولد في طرابلس عام 1340هـ 1921م، بدأ الشيخ طه الولي الدراسة في الخوجاية، وهو الاسم الذي كان يُطلق على المدرسة الأهليّة لتعليم القرآن الكريم ومبادئ الدين واللغة العربيّة ثم إنتقل إلى مدرسة التوفيق التي أسسها الشيخ محمد توفيق خالد مفتي الجمهورية اللبنانيّة في أوائل العقد الثالث من القرن العشرين، ومن مدرسة التوفيق إنتقل إلى مدرسة الحرج، وهي المدرسة التي أنشأتها جمعية المقاصد الخيريّة الإسلاميّة في بيروت للصبيان في محلة حرج بيروت فنسبت إلى هذه المحلة.
بعد الإنتهاء من مرحلة الدراسة الابتدائيّة في مدرسة الحرج أدخله والده في الكليّة الشرعيّة في بيروت لطلب العلم الديني، وبقي في هذه الكليّة التي عُرفت فيما بعد باسم كلية فاروق الأول الشرعيّة، إلى أن نال شهادتها النهائيّة وتخرج منها شيخاً سنة 1940.
وفي سنة 1948م أنتقل إلى القاهرة حيث ألتحق بكلية أصول الدين في الجامع الأزهر وتخرج من هذه الكليّة ثم إلتحق بكلية الحقوق بجامعة فؤاد الأول التي أصبح اسمها اليوم جامعة القاهرة.
بعد أن تخرج من الكليّة المذكورة حاملاً شهادة الحقوق عاد إلى بيروت وإنتسب إلى كلية الحقوق بجامعة القديس يُوسُف اليسوعيّة وتخرج منها حاملاً شهادة ليسانس في الحقوق اللبنانيّة.
في سنة 1968م إلتحق بالمكتبة الوطنيّة العامة في فيينا عاصمة النمسا ونال منها شهادة في علم المكتبات.
بعد التخرج من الكليّة الشرعيّة في بيروت عينته الحكومة اللبنانيّة مساعداً قضائيّاً في المحكمة الشرعيّة في بيروت، ثم بعد مدة نقلته بناء لطلبه إلى دار الكتب اللبنانيّة حيث شغل منصب رئيس قسم الصحافة، وبقي قي دار الكتب الوطنيّة حتى سنة 1972م، ففي هذه السنة قدّم استقالته من هذه الوظيفة تلبية لطلب جمهورية تشاد التي عينته مستشاراً ثقافيّاً بسفارتها في بيروت وهذه السفارة كانت تغطي بيروت وأنقرة ودمشق وعمّان في آن واحد، وفي سنة 1976م تعطّل العمل بالسفارة التشاديّة بسبب الحرب الأهليّة في لبنان ولنفس السبب في بلاد تشاد التي صليت بالحرب الأهليّة أيضاً.
ألّف الشيخ طه الولي العديد من الكتب بعضها طبع والآخر ما زال مخطوطاً، من أبرز الكتب المطبوعة:
■ الإسلام والمسلمون في ألمانية بين الأمس واليوم، وهو دراسة عن اهتمام المستشرقين بالدراسات العربية والإسلاميّة سنة 1966 م.
■ عبد الرحمن الأوزاعي شيخ الإسلام وإمام أهل الشام، وهو ترجمة حياة هذا الإمام مع ذكر المؤسسات والأوقاف المتصلة باسمه في بيروت.
■ التراث الإسلامي في بيت المقدس وفضائله الدينيّ ، وهو تعريف موجز بالمساجد والزوايا والخوانق والرباطات، الموجودة في مدينة بيت المقدس.
■ القرامطة ، وهو دراسة للحركات الباطنيّة في تاريخ المسلمين وصلة هذه الحركات القديمة ببعض الحركات الحزبيّة في الوطن العربي.
■ المساجد في الإسلام، وهو كتاب يقع في نحو ألف صفحة بالحجم الموسوعي، يتناول موضوع مؤسسة المسجد في تاريخ الإسلام والمسلمين منذ أن كان سقيفة متواضعة في المدينة المنورة إلى أن أصبح اليوم تحفة فنيّة يتنافس في بنائه أكابر المهندسين ويشكل تراثاً معمارياً عند المسلمين بالإضافة إلى دوره في إعداد المجتمع الإسلامي وتوجيه المسلمين إلى ما فيه خيرهم في الدين والدنيا معاً.
وللشيخ طه الولي مئات المقالات والبحوث التي نشرتها له الصحف والمجلات في العالمين العربي والإسلامي. وغالب هذه الأعمال يتناول موضوعات التاريخ الإسلامي وتراث العرب المسلمين سواء من الناحية العُمرانيّة أو من الناحية العلميّة والأثريّة.
دخل معترك الحياة الوطنيّة والسياسيّة وهو دون الحلم وبسبب محاربته للانتداب الفرنسي ومطالبته بالوحدة السوريّة زجّه الفرنسيون في السجن وعمره 14 سنة ثم توالى عليه السَّجْن نحو إثنتي عشرة مرة، وآخر أيام سجنه كانت سنوات ثلاثاً قضاها في معتقل قلعة راشيا الوادي بلبنان عندما اعتقله الإنكليز عقب دخولهم إلى بيروت سنة 1941م.
يملك الشيخ طه الولي ثروة لا بأس بها من الكتب في اللغتين العربيّة والفرنسية وهي في الغالب تاريخيّة، وطبقات رجال وتراجم، تفسير وحديث، وفي الفقه على مختلف المذاهب مع جناح خاص بالمؤلفات الخاصة بلبنان عامة وبيروت خاصة، وفي المدة الأخيرة من حياته قام بوقف هذه المكتبة على المعهد العالي للدراسات الإسلاميّة التابع لجمعية المقاصد الخيريّة الإسلاميّة في بيروت، وقد سجّل هذه الوقفيّة في محكمة بيروت الشرعيّة التي قامت بإحصاء مفردات الكتب وسجّلتها في فهرس خاص تحت اسم مكتبة الشيخ طه الولي الموقوفة لجمعية المقاصد الخيريّة الإسلاميّة في بيروت، والجدير بالذكر أن هذه الوقفيّة لم يقابلها من قبل الواقف إلا شرط واحد وهو إباحتها لمن يريد مطالعتها مع رجاء المطالعين بأن يقرأوا الفاتحة ويهدوا ثوابها لروح الواقف.