الفصل التاسع

نهاية الضابط زكى

بعد إعادة تأهيله وتدريبه على كل الاحتمالات أحضر طارق أمام " أبو محمد" من جديد ، الذي قال له :

Ø     ستسافر غداً وتتصل بهم كالعادة . ستجدهم هذه المرة متحفظين تجاهك بعض الشيء . وقد يستجوبونك من جديد . ويسبرون أغوارك بعد مقتل خليل . يريدون أن يتأكدوا من أنك ما زلت معهم ! قد يعرضونك على جهاز كشف الكذب ، ولا شك أن الأخ حسين قد حفظك الدور تماماً ، فقد أعد مع نفسك القصة والأجوبة حتى تحفظها عن ظهر قلب . جهاز كشف الكذب يكشف كسر الروتين والنبري وضغط الدم والانفعال في صوتك لا أكثر ولا أقل . ولا تتفاجأ أمام أي سؤال. وكن طبيعياً حسين طرح عليك كل الأسئلة التي يمكنهم أن يسألونك عنها ، وقد حفظت أنت الأسئلة جيداً كما حفظت إجاباتها ، وأنت يا طارق ، الآن أمام الخيار الأكثر أهمية في حياتك . نحن لن نغنيك بالأموال . ولا نعدك بدولارات لا عد لها ولا حصر . فكل ما نعدك به أنك ستكون مرتاح الضمير أمام نفسك وأهلك ناسك . لقد عدت إلى نفسك وأهلك من نفق الخيانة التي لا يرضى بها الله ولا الإنسان . نحن ثقتنا كبيرة في الإنسان العربي ولقد أتحنا لك فرصة التفكير عن عملك السيئ بخدمة بلدك وجذورك . فلا تفوت الفرصة . فلتكن توبة نصوحة لله والوطن .

سكت " أبو محمد " وهو يتفرس وجه طارق الذي كان يصغي بكل جوارحه ، وما أن هذا صوت " أبو محمد " حتى رفع طارق رأسه ليقول :

Ø     لا تخف يا " أبو محمد " والله لو قلعوا عيني فلن أفرط في شيء ولن أخون.

 صيت " الموساد " اكبر منه انهم يصورونه كأسطورة بالرغم من أنه جهاز مخابرات عادى . لكن الذي يفيد " الموساد " أن اليهود في إسرائيل وفى دول العالم الأخرى متماسكون ويعملون يداً واحدة من أجل إسرائيل . بعكسنا نحن الذين نمشى وسط الألغام العربية التي زرعت بين أيدينا قبل أن تزرع بأيدي غيرنا .
امتدت الجلسة مع " أبو محمد " أكثر من ساعة أدرك خلالها رجل الرصد الفلسطيني أن طارق صادق معه . لكنه كان متخوفاً من عدم نجاحه في امتحان " الموساد " ، فقال له : قبل أن يصافحه مودعاً :

Ø     أتمنى لك سفراً سعيدا ً ورحلة موفقة ، ولا تنس أن إرادة الإنسان أكبر من " الموساد " ومن كل المخابرات العالمية ، فكن واثقاً من نفسك ولا تتردد أو تنزلق وستجد الأمر أكثر سهولة مما تتصور،الأمر الذي سيجعلك بطلاً لا في عيوننا نحن فحسب بل في عينك أنت ، إن استطعت أن تتغلب على
" الموساد " .

كان طارق قد بدأ يسترد ثقته فتحول من إنسان ساقط إلى إنسان ذي قيمة فتحولت حتى طريقة كلامه وكلماته إذ قال " لأبو محمد " :

Ø     توكل على الله . وستجدني عند حسن الظن والثقة . وكم أتمنى في هذه اللحظة لو أنكم كشفتم أمري مبكراً .
ابتسم " أبو محمد " وهو يقول :

Ø     لكل أجل كتاب ولكل شيء أوان . وما يدريك أن كشفنا لك الآن خير من كشفنا لك مبكراً أو متأخراً ؟ من هنا سنبدأ ، وان شاء الله ستكون بداية أخرى . أتمنى لك التوفيق ومع السلامة .

تصافحا وخرج طارق ومعه حسين يرافقه إلى الباب .

في اليوم التالي سافر طارق إلى ايطاليا، واتصل كالعادة بالسفارة الإسرائيلية وترك خبراً للمشرف عليه ( الكونترول ) ، أي ضابط " الموساد " زكى الذي هرع في اليوم التالي إلى روما . ولما التقيا في السفارة عانقه زكى مهنئاً إياه على سلامته ومرحباً :

Ø     لقد خفت عليك كثيراً . فقد كنت دائما مع خليل – الله يرحمه .

Ø     لقد كشفوه .

فوجئ طارق بأنهم يعرفون بمقتل خليل أولاً ، رغم أن خبر موته أذيع . كما فوجئ بكلمة " كشفوه " يتفوه بها زكى . تماماً كما أخبره حسين من قبل . فقال لزكى بدهشة وتساؤل :

Ø     كشفوه ؟ ! من الذي كشفه ؟

فقال زكى وهو يبتسم :

Ø     ولو ! سلامة فهمك يا طارق . الفلسطينيون طبعاً .

بدأ طارق عصبياً تناول سيجارة وأشعلها بحدة ، كل شئ يتسم حسبما أخبره حسين . نفث دخان سيجارته بتلعثم ثم قال :

Ø     غريب ! لقد رأيت الحادثة بعيني . لقد قتله اللصوص . على أية حال ، اسمع يا زكى ، أنا خائف ولا أريد أن أستمر . أرجو أن تبحث عن طريقة تخلصني بها من الجهاز . فاليوم خليل وغداً أنا .

كان يراقب وجه زكى وهو يتحدث بعصبية ، وشعر أنه سجل نقطة كبيرة لصالحه ، فقد لمح علامات التخوف على وجه زكى الذي قال مهدئاً :

Ø     لا تخف ، نحن معك ، أروى قصة مقتل خليل بالتفصيل . فرواها له بكل حذافيرها وكما أعادها وراجعها مع حسين عشرات المرات . وفى نهاية اللقاء ربت زكى على كتف طارق قائلاً :

Ø     ولا يهمك . احزم حقيبتك وحضر نفسك فسنسافر الليلة إلى تل أبيب .

أطفأ طارق سيجارته وصافح زكى على أن يلتقيا مساء في المطار .

وفى الطريق إلى الفندق ، كاد طارق يطير من الفرح . فقد حصل على كل شئ تماماً كما أخبره حسين . حتى أن شكاً خامره بأن حسين رتب كل شئ مع زكى ، لكنه قرر أن يلعب الورقة الفلسطينية إلى النهاية مهما كانت النتائج . فقد أخبره حسين أثناء الجلسات بأنه يضطر للتفكير كإسرائيلي في الكثير من الحالات وكضابط " موساد " بالتحديد . فهو يعرف أساليبهم جيداً كما أنه يبحث كل الاحتمالات ويستكشف " السيناريوهات " ، ويضع كل الأسئلة التي تخطر وقد لا تخطر على البال مع اهتمام بالغ بالتفاصيل والتوافه الصغيرة . إذ كثيراً ما تكون هذه التوافه هي المقتل . فبعد أن طاف معه حسين كل الأجواء والآفاق قال له أن هذا هو " السيناريو " المحتمل للقائك مع ضابط " الموساد " . وفعلاً ، حتى خروجه من السفارة الإسرائيلية لم يتفوه زكى بكلمة واحدة لم يقلها حسين . ضخ فيه هذا الشعور بمقدرة حسين وضابط المخابرات الفلسطينية ثقة هائلة ، قرر أن يتفوق على زكى الذي أذله وأهانه ، بل على كل " الموساد " .

سيمرغ أنوفهم في التراب ، وليحضروا كل أجهزة الكذب والتكنولوجيا الحديثة ، فسوف لن يصلوا معه إلى أية نتيجة ، بل إن نهاية زكى في " الموساد " ستكون على يديه هو ، منتقماً لشرفه الذي داس عليه هذا الصهيوني اللعين .

لمعت عينا طارق بالشرر ،فحث الخطى إلى الفندق . حزم حقائبه وطلب بعض الشراب في غرفته ثم نزل إلى صالة الاستقبال حيث دفع الحساب وغادر الفندق إلى المطار بعد أن وضع أعصابه في ثلاجة رغم شعوره الطافح بأن رحلته هذه إلي إسرائيل مختلفة عن رحلتيه السابقتين . إنها رحلة المصير التي ستقرر خياره الأبدي : فأما أن يموت ويقتلوه وأما أن يكون بطلاً قومياً .

امتحان صعب

في مطار تل أبيب . كانت السيارة الخاصة في انتظارهما عند سلم الطيارة. دلفا إليها فانطلقت بهما إلى شمال تل أبيب لتتوقف أمام إحدى البنايات النظيفة . ثم نزلا في شقة البناية مكونة من غرفة نوم واحدة وغرفة استقبال ينتشر في جوانبها ذوق أنثوي وملابس أنثوية وأدوات مكياج . تركه زكى ينام في غرفة النوم بعد العشاء ، في حين نام ضابط " الموساد " في غرفة الاستقبال .

في الصباح .جاء شاب يحمل حقيبة ضخمة فقال زكى لطارق :

Ø     نحن كضباط ، نخضع كل عام لامتحان روتيني . وبما أنك أصبحت واحد منا وان ما يجرى لنا سيجرى لك . هذه الآلة التي تراها أمامك تسمى " جهاز الكذب " . ولا شك أنك سمعت بهذا الاسم من قبل . نحن على أية حال ، لكثرة ما عرضنا على هذا الجهاز ، صرنا نسميه " جهاز الصدق " .

كان طارق يومئ لزكى وعلى وجهه علامات الدهشة . فابتسم الخبير وهو يتقدم من طارق ليربط الأسلاك بيديه ورجليه وصدره . ثم بدأ زكى يوجه إليه الأسئلة :

Ø     ما اسمك ؟

فرد طارق :

Ø     طارق ....

Ø     اسمك طارق عيتانى . أليس كذلك ؟

Ø     ورد طارق: اسمي طارق الحمدان .

Ø     كم عمرك ؟ 27 سنة .

Ø     قل لي يا طارق : كيف قتل ضابط " الصاعقة " خليل ؟

وروى طارق القصة كما سبق له ورواها لزكى فى روما .

وعاد زكى يسأل :

Ø     بعد عودتك من المستشفى ، هل تحدثت عن علاقتك بنا ؟

وأجاب طارق :

هل أخفيت عنا أية معلومات عن مقتل خليل ؟

بعد الجنازة هل تحدثت عن علاقتنا ؟

Ø     من تذكر من الذين حضروا الجنازة ؟

فذكر له طارق كل الأسماء التي عرفها .

في اليوم التالي عرض طارق مرة أخرى على الجهاز وقال له زكى :

Ø     " هذه المرة نريدك أن تكذب على الجهاز " .

Ø     إذا تريدني أن أكذب ؟

Ø     لا تخف انه روتين .خذ هذه الورقة واكتب عليها الأرقام من واحد الى عشرة . تناول طارق الورقة وكتب عليها كما طلب منه ، فقال له زكى بعد أن تم ربط الأسلاك .

Ø     اقرأ هذه الأرقام بصوت عال .

لما قرأها قال له زكى :

Ø     والآن ، اقرأها . لكن حين تصل إلي رقم 5 قل تسعة بدلاً من خمسة ، وأكمل ففعل .

هناك قال زكى لطارق :

Ø     " انظر " . فوجد أن إبرة الجهاز قد تركت خطاً طويلاً في الرسم البياني على الورقة بعد أن نطق برقم تسعة بدلا من خمسة . فابتسم وهو يقول:

Ø     علم .

وتكررت العملية مرة أخرى في اليوم الثالث وطارق يروى قصة مقتل خليل في كل مرة كما رواها أول مرة .

كان طارق يشعر بخوف حقيقي من " الموساد " لكن زيارته السابقة وتعامله معهم . وكلام " أبو محمد " وصحوة ضميره وحقده على زكى و" الموساد " في قصة الصور ، والابتزاز والتهديد ، وأهم من ذلك مقتل خليل أمام عينيه – كما أراد " أبو محمد " – جعلته يقرر بلا تردد الانحياز إلى الخندق الفلسطيني متغلباً على كل خوف من " الموساد " .

بعد انتهاء الكشف في اليوم الثالث حمل الخبير جهازه والرسوم البيانية وهو يقول لطارق مودعاً :

Ø     أهلاً بك في تل أبيب . وان شاء الله سنراك كثيراً في المستقبل .

Ø     فقال طارق : مرة واحدة في العام .

Ø     وابتسم وهو يلتفت إلى زكى الذي قال له الخبير : بإمكانك أن تأخذ المعلومات من الكمبيوتر .

Ø     فأومأ إليه زكى برأسه ونهض وهو يقول لطارق : هيا بنا . سأعود إلى الغداء في أحد مطاعم تل أبيب الجميلة .

في المطعم ، جلس زكى وطارق على مائدة منعزلة . وما هي إلا دقائق حتى جاء رجل خمسيني شاركهما الجلسة فقدمه زكى إلى طارق بقوله :

Ø     هذا دانى يا طارق . انه رئيسي في العمل .

صافحه طارق بأدب واحترام قائلاً :

Ø     أهلاً وسهلاً . تشرفنا .

ومضى الحديث حول الطعام وتشابهه مع الطعام اللبناني .

ثم فجأة قال دانى موجهاً حديثه إلى طارق :

Ø     قل هل سمعت باللواء ( كذا ) ؟

Ø     لا . لم أسمع به .

Ø     انه ضابط ( في جيش دولة عربية ) كبير ..... لقد أحاله رئيس الدولة على التقاعد ، وهو الآن في حالة مالية حرجة بعد أن كان يصول ويجول . كما أنه حاقد على الحكم وعلى الرئيس . ونحن نريد هذا اللواء ليعمل معنا . وعليك أن تتصل به .

Ø     كيف ؟

Ø     سيخبرك زكى بالتفاصيل .

قال دانى ذلك ثم نهض وصافح الاثنين وخرج .

بعد انصراف دانى قال زكى لطارق :

Ø     كيف وجدت رئيسي .

Ø     ضابط .

Ø     انك لا تعرفه . سوف أحدثك عنه في المستقبل . انه قبضاى ويعرف الجنوب اللبناني شبراً شبراً .

مهمة جديدة

في صباح اليوم التالي طلب زكى من طارق ، بعد أن زوده بتذاكر السفر و 1000 دولار، أن يبقى علاقاته الوثيقة مع التنظيمات الفلسطينية، وأن ينقل إلى الجهاز كل المعلومات التي تتوفر لديه . بشأن اللواء المتقاعد ، طلب منه أن يقوم بزيارته في بيته في العاصمة العربية ، ويعرض عليه العمل في تجارة الأقمشة والبدلات ، وأن يصطحبه في ما بعد إلى أوروبا بأية وسيلة مقنعة .

كانت حقائب طارق جاهزة ، فأوصله زكى وسامي إلى المطار في طريقه إلى بيروت . لكن طارق لم يشعر بالراحة الكاملة إلا بعد أن هبط في مطار بيروت وتوجه على الفور إلى مكتب الضابط حسين حيث بادره بالقول :

Ø     كدت اشك فيك .

Ø     فابتسم حسين وهو يقول : خير.

Ø     خير . فقد حصل كل شئ كما قلت لي بالحرف الواحد . وأخذوني إلى تل أبيب وعرضوني على جهاز كشف الكذب وطرحوا على الأسئلة كلها التي سألناها معاً واجبنا عليها معاً عشرات المرات .

تعددت لقاءات حسين بطارق ، وفى كل مرة كان حسين يقود إلي الحديث عن زكى ولقائه مع طارق في روما وتل أبيب ، فيما طارق يروى القصة بكل تفاصيلها مرة بعد مرة منذ وصل زكى إلى روما .

كانت المخابرات الفلسطينية قد أوفدت بعض عناصرها إلى روما خفية عن طارق ، حيث التقطت صوراً لزكى واقتفت آثار طارق في العاصمة الإيطالية منذ لحظة وصوله إلي حين مغادرته إلى تل أبيب ، كذلك قامت فرقة المكافحة بتسجيل كل ما نطق به طارق بعد عودته إلى حسين . وكان حسين يراجع التسجيلات ويحللها كلمة كلمة .

وفى لقائه مع " أبو محمد " قال حسين :

Ø     إنني مطمئن إلى أن طارق صادق معنا ، وانه مستعد للعمل والتضحية . لكن يبقى مأزق " اللواء العربي " . ماذا نفعل به ؟

فقال " أبو محمد " :

Ø     مستحيل أن نقوم بتجنيده لصالح " الموساد " وإذا نحن أفهمناه بالحقيقة فهو قد يخاف على مستويين : مستوى تعامله مع العدو، ومستوى تعامله معنا في حال انكشافه لدى مخابرات العدو ، كذلك فنحن أيضاً بغنى عن افتعال مشاكل مع دولته الأفضل البحث عن طريقة نتفادى بها هذا العمل .

Ø     معك حق . ولكن كيف ؟

Ø     ليسافر طارق إلي العاصمة العربية ، وليتم تعريفه ببيت اللواء المذكور عن بعد . ومن الضروري أن يعرف شكل الرجل وصورته ، ثم نتصرف .

وفعلاً ، سافر طارق إلى العاصمة العربية المعينة ، وشاهد بيت اللواء كما رآه عن قرب في أحد المقاهي .

وبعد عودته إلى بيروت عرضت عليه أيضاً صورة اللواء قبل أن يقوم بإرسال البرقية التالية :

Ø     " سافرت إلى العاصمة العربية ، وقابلت اللواء عن طريق أحد معارفه . الرجل صعب . فاتحته بإمكانية الاشتراك معي في التجارة فسألني لماذا اخترته هو، ولماذا أعرض عليه العمل وكيف سيشاركني بدون رأس مال .

Ø     لقد خفت منه وهو ليس مأموناً . إنني خائف جداً وأشعر أنني مراقب " .

Ø     وجاءه الرد : " لا تخف . لا يوجد خطر عليك . انس مسألة اللواء في الوقت الحاضر وركز على عملك المعتاد مع التنظيمات " .

بدأت مرحلة جديدة من التجسس والتجسس المضاد ، أديرت بحنكة وذكاء من الجانب الفلسطيني حيث كانت المخابرات الفلسطينية هي التي تقوم بالرد على أسئلة " الموساد " والطلبات التي يتلقاها طارق منهم . وكان في إجابات المخابرات الفلسطينية أكثر من الحقائق والكثير من الأكاذيب . لكن الحقائق كانت من النوع غير المؤثر أو من النوع المتغير بحيث يصار إلى تغييرها فور إرسالها على الجهاز .

كان أكثر ما يهم المخابرات الفلسطينية أن تتعرف على حاجات " الموساد " وأن تلغم هذه الحاجات بالمعلومات التي تريدها هي لتدفع " الموساد " في طريق البناء المتهافت على غير أساس ، كما كانت تتعرف على نوايا العدو وأهدافه من خلال أسئلته وطلباته . ومن الطبيعي أن تكون للمخابرات الفلسطينية مواردها ومصادرها وقنواتها الأخرى في جمع المعلومات التي تهمها ، وفى إرسال المعلومات التي تريد إيصالها إلى إسرائيل مع الحرص على أن تؤكد كل القنوات الإسرائيلية المعلومات التي ترسلها المخابرات الفلسطينية إليها .

ولدى سؤال " أبو محمد " عن مصير ضابط " الموساد " زكى قال :

Ø     لقد وجدته العاصمة البريطانية مقتولاً في شقته في لندن .

Ø     كيف وجدته وكيف قتل ؟

Ø     تلك قصة أخرى .

Ø     وطارق ؟

Ø     ( .... ) .

ملاحظة
ارتأينا التوقف بالقصة عند هذا الحد لأن معظم أبطالها مازالوا أحياء ، وبعض فصولها لم توضع لها النهاية ، رغم أنها جرت في الفترة السابقة على الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982 وخلاله ، إذ تكبدت إسرائيل في هذا الغزو من الخسائر المعنوية والمادية ، في الداخل والخارج ، وفى سمعة جيشها الذي كانت تصوره أجهزة الإعلام العالمية بأنه لا يقهر ، أكثر من خسائرها البشرية بكثير ، وقد كان دور المخابرات الفلسطينية ملحوظاً في الأداء البارز للمقاومة لكن السيطرة الكلية للطيران الإسرائيلي على أجواء لبنان حسمت المعركة في النهاية لصالح إسرائيل .

 عودة لصفحة الجاسوسية