الفصل الثامن

سقوط النقيب خليل

شكل خليل صيدا ثميناً ل " الموساد " . فها هو ضابط " الصاعقة " ومسؤول الأمن فيها عن منطقة الحمراء في بيوت ، يجلس مع " ضابط الموساد " فى تل أبيب يعصرونه عصراً ، ولم يشأ زكى أن يضع أي قيد نفسي على خليل فمر بطارق في غرفته وقال له :

Ø     نحن مشغولون هذه الليلة مع خليل لكنني سأمر بك في الصباح .

كانت ليلة طويلة على خليل ، لذلك حين مر زكى بطارق في الصباح . كانت الساعة حوالي العاشرة.

تناولا الإفطار معاً وأعطاه صحيفة " القدس " كي يتسلى بقراءتها بينما ذهب زكى إلى غرفة خليل .

بعد ساعة ، مل طارق من الجلوس وحيدا، وكان قد أنهى قراءة الجريدة فتوجه إلى حجرة خليل ليرى هناك زكى ومعه ضابط آخر من " الموساد "وخليل متحلقين حول مجموعة من الخرائط لسورية ولبنان وإسرائيل لكن طارق ما يلبث طويلاً ،فقد نهض زكى وتأبط ذراعه قائلاً :

Ø     هيا بنا ودعهم يكملون عملهم :

وأدرك زكى أن طارق قد مل من البقاء وحيداً فقال له :

Ø     سأعود بعد خمس دقائق ومعي خبير في استخدام الكربون السري ليدربك على الكتابة به فتكتمل وسائل اتصالاتنا تماماً .

وتجدر الإشارة هنا إلى أن مجموعة ضباط " الموساد " التي قابلت خليل وطارق ، هي المجموعة المتخصصة في شئون " الصاعقة " . إذ أن " الموساد " تتكون من خلايا تصب كلها في شبكة واحدة .

فمنذ ظهور المنظمات الفلسطينية ، تلك تخصيص مجموعات من خيرة ضباط " الموساد " لكل واحدة من المنظمات ، تتابع نشاطاتها وتدرس أفكارها وأدبياتها وتتجسس على عناصرها وقيادييها وتحتفظ بكل ما يصدر عنها حتى أصبح ضباط " الموساد " المتخصصون كأنهم أعضاء في المنظمات الفلسطينية يفكرون بالطريقة التي فكر فيها عضو التنظيم أو القيادي ، ولم يكن خليل بالطبع على علم بما يدور في " الصاعقة " ، فقط ولكنه كان يعلم إلي حد ما أشياء عن المنظمات الأخرى . وقد كان اهتمام " الموساد " به في تلك الفترة نابعاً من تخطيط إسرائيلي لاجتياح لبنان ، فهي بحاجة لتجميع كل ما يمكن جمعه من معلومات .

وبحاجة أيضاً إلى تأليب الشعب اللبناني على الفلسطينيين بالطلب من عملائها – ومنهم خليل – القيام بأعمال استفزازية للمواطنين اللبنانيين ، وافتعال حوادث عنف واعتداءات ضد الشعب اللبناني والممتلكات الخاصة . حتى أصبح خليل مع غيره ، بعد عودته من تل أبيب مثالاً للبلطجة والرشوة والفساد والتخريب وكانت الناس في لبنان تعرف هؤلاء الأشخاص جيداً ، لكنهم لم يفكروا يوماً بأنهم عملاء لإسرائيل بل كانوا يعتقدون أنهم " مسنودون " من قياداتهم وأن المسألة مسألة هرم أو صندوق تفاح لا يقتصر التعفن على بضع تفاحات فقط ، علماً بأن أعمال البلطجة والتخريب تلك ما كانت لتخدم إلا المصلحة الإسرائيلية .

لكن أحداً في تلك الأيام لم يتوقف أمام نفسه ليطرح عليها هذا السؤال لمصلحة من تتم هذه الأعمال ؟ ومن هو المستفيد منها ؟

من المؤكد أن هذه الأعمال كانت تسيء أعظم الإساءة إلى المنظمات الفلسطينية وقياداتها ، لذلك أقدمت منظمة التحرير في العديد من المناسبات على إعدام مثل هذه العناصر كالحرية .

بعد عصر خليل وتدريبه على الكربون السري والبخار طلب من زكى أن يعود إلى بيروت ويؤجل مسألة العلاج إلى مناسبة ثانية ، ذلك أنه تخوف أثناء عملية اغتيال زهير محسن ،وهو في الخارج من أن يحوم الشك حوله .

بعد دقائق كان زكى قد أمن لخليل سفره بالجو إلى قبرص ، ومن قبرص إلي بيروت على " الميدل ايست " في اليوم التالي ، ثم ناوله مبلغ 2000 دولار ، وهو يقول له :

Ø     " هذه مكافأة ، ولك بذمتنا كل شهر 200 دولار " .

تخلف طارق في تل أبيب مدة يومين حيث اصطحبه زكى إلى ايلات وطاغ به على بعض الأماكن السياحية ثم أعطاه مبلغ ألف دولار قبل مغادرته إسرائيل إلى بيروت ، عبر باريس كما حدث في المرة السابقة .

وجد طارق خليل منهمكاً في أعقاب اغتيال زعيم " الصاعقة " . ولما سأله ماذا قالوا له في تل أبيب رد بإيجاز شديد : لا شيء ، مثل العادة فقط . وكانت البرقيات الإسرائيلية تتوالى على بيروت تسأل : هل هناك عمليات خارجية ؟ وهل سينتقمون لزهير محسن ؟ ومن سيخلفه ؟ وهل هناك تغيرات في جهاز الأمن ؟

في هذه الفترة ، تجمعت لدى المخابرات الفلسطينية كمية من المعلومات حول تحركات طارق والنقيب خليل (لم يسمح بذكر المصدر) . وعلى الأثر عقد اجتماع شفى مقر مكافحة التجسس في بيوت حيث جرى نقاش طويل امتد أكثر من جلسة حول المعلومات وطرقة المعالجة والتنفيذ .

ثم اختلى أبو محمد رئيس الفرقة باثنين من ضباط المكافحة لتقرير كيفية التعامل مع الضباط خليل وطارق، قال الضابط حسين :

Ø     أرى أن نقوم باعتقالهما فوراً .

وطال النقاش مرة أخرى إلا أن أبو محمد حسم الجدل أخيراً بقوله : قبل اتخاذ أي خطوة حاسمة يجدر بنا أن نعرف كل شىء وكل المعلومات التي وصلت إلى العدو عن طريقهما ، وكل ما سيوصلانه حالياً وفى المستقبل .

عميل مزدوج

وضعت أجهزة تنصت في منزل كل من خليل وطارق . فقد قرر أبو محمد سلفاً التخلص من خليل بالقتل لأن اعتقاله سيؤدى إلي مشاكل مع" الصاعقة" وغير " الصاعقة " . أما طارق فقد كانت خطة أبو محمد تقضى بتشغيله عميلاً مزدوجا ً ، إذ أن خليل لا يصلح لهذه المهمة فهو متهور وقليل الاتزان ، بعكس طارق آذى هو في الأساس أصل المشكلة وبيت الداء .

وقامت الفرقة بإعلام ثلاثة من كبار المسؤولين في " الصاعقة " بعمالة خليل ، كما قامت بإبلاغ جهاز أمن عربي بمهمة خليل . فتم الاتفاق بين الأطراف الثلاثة على ترك المسألة للمخابرات الفلسطينية تتصرف كما تشاء .

وضع أبو محمد خطة دقيقة للعمل . فهو صاحب خيرة طويلة في العمل السري ، وملفه في " الموساد " ضخم ومعروف باسم " الرجل الزئبق " لصعوبة تثبيته في مكان معين أو محاصرته أو معرفة مكانه ، فهو لا يسلك طريقاً واحدا ً مرتين متتاليتين ، ولا يبيت في مكان معين مرتين ، وشكله لا يوحي بقدراته ولا يثير الانتباه ، وكان قد اعتقل في الماضي في إحدى الدول العربية . وحين دخل على العقيد ضابط التحقيق فوجئ هذا الأخير به ، فقد كان يظن أنه سيواجه رجلاً جباراً عنيفاً ، ضخم الجثة ، فدهش وأبو محمد يدخل عليه نحيفاً متوسط الطول لا تبدو عليه أية صفة من تلك الصفات الموجودة في الملف الضخم أمامه فقال بعفوية سائلاًُ :

Ø     أنت أبو محمد ؟

Ø     ولما أومأ بالإيجاب عاد يسأل : غير معقول . وهل أنت قادر على القيام بكل هذه الأعمال التى تملأ هذا الملف ؟

لم يبتسم أبو محمد ولم يرد ، فقد فوجئ بأن يسأله ضابط عربي كبير يحقق معه كمجرم في أعمال قام بها ضد العدو الإسرائيلي . فقد كان العمل الفدائي الفلسطيني أيامئذ غير مسموح وغير مقبول في عدد من الدول العربية .

قرر أبو محمد في ظل الظروف الفوضوية والصعبة آتى يواجهها العمل الفلسطيني وتفوق " الموساد " التكنولوجي أن يتصرف بدهاء وحكمة . فقد كان طبيعياً أن يكتشف عميل ما في إحدى المنظمات فيهرب إلي منظمة أخرى ليستقبل فيها استقبال الأبطال خصوصاً إذا كانت بين المنظمتين شئ من الحساسية .

كان قرار أبو محمد يقضى بتصفية خليل جسدياً في خطة مدروسة لا تثير الشك ، فهناك العديد من عملاء " الموساد " في بيروت غير طارق وستصل أخبار قتله إلى " الموساد " في اليوم ذاته .

استدعى أبو محمد ثلاثة من رجاله المختصين في الرماية بالمسدسات . وعرض عليهم عشرات الصور التي التقطتها المخابرات الفلسطينية لخليل وطارق أمام مكتب خليل وأما البناية التي يسكن فيها طارق وفى المطاعم ومحلات " الفليبر " وفى الشارع .

Ø     تناول صورة تجمع بين الاثنين وعرضها على الشباب قائلاً :

Ø     هل تستطيعون حفظ وجهيهما جيداً ؟

Ø     فقال رائد وهو يتمعن الصورة : ولو يا أبو محمد ! هذه شغلتنا .

Ø     وضع أبو محمد إصبعه على وجه خليل وهو يقول :هذا ... هذا هو المطلوب الآخر لا تمسوه ، حسين سيخبركم بالتوقيت والطريقة . ابر أهيم هو المنفذ وأنتما للتغطية والتمويه .

اصطحب الضابط حسين الثلاثة لمراقبة طارق وخليل . وبينما هم جالسون في مقهى " استراند " أطل خليل ومعه طارق . فقال حسين : " ذاك الذي على اليمين بالزي العسكري " . ولم يفاجأ الفريق بأن خليل عسكري في " الصاعقة " . ربما فوجئوا في داخلهم ولكنهم تعودوا عدم طرح الأسئلة إذا ما صدرته إليهم الأوامر . انهم من أمهر القناصة ، وكم تدربوا على إصابة عيدان الكبريت عن بعد وأحياناً بأعين معصوبة، فالمسدسات رفيقهم الأكثر إخلاصا الذي يقوم وينام معهم ،. أيديهم ترتاح حول مقابضها حتى أنك تراهم وأيديهم خالية من المسدس لكنها تبدو منحية ومضمومة بشكل كأنها لا تزال تحضنه ، السؤال الوحيد الذي طرحه إبراهيم على حسين كان يتكون من كلمة واحدة فقط : " متى ؟ " ورد حسين : " الليلة " فقال رائد :

Ø     " إذن لم يبق له في الحياة سوى ساعات قليلة " .

لحظة الانتقام

في تلك الليلة كان خليل ينتظر زوجته أما مكتبه ومع طارق للذهاب الى مطعم " نصر " على الروشة لتناول العشاء هناك .

Ø     وفجأة لمح طارق بعض المسلحين قائلاً : انظر . انهم يهربون من المحل ؟

Ø     فقال خليل : انهم لصوص .

Ø     وبسرعة مد يده إلى مسدسه لكن طارق قال له : دعك منهم .

ولم يكد طارق ينهى كلمته حتى كان أحد المسلحين يصوب مسدسه نحو خليل حيث ، ألق في لمح البصر رصاصتين اخترقت الأولى رأسه والثانية رقبته قبل أن يقع على الأرض . اندفع بعدها المسلحان داخل سيارة كانت تنتظرهما على مقربة لتطير بهما كالريح .

ذهل طارق من السرعة التي تم بها كل شئ ومن الطريقة التي قتل فيها صاحبه لأن لصاً رآه يمد يده إلي مسدسه . خرجت عناصر أمن " الصاعقة " من المكتب على صوت الرصاص ليجدوا خليل مضرجاً بالدم ، وبسرعة حملوه في إحدى السيارات إلى المستشفى ولكنه فارق الحياة قبل أن يوضع على النقالة . بعد نصف ساعة على الحادث وصل فريق تحقيق من أمن " الصاعقة " استمع إلى أقوال طارق بعد أن حاصرت مجموعة من المسلحين المنطقي على الفور ، دون أن يهتدوا إلى شئ لكنهم توصلوا إلى أن خليل قتل بالصدفة وذهب ضحية لصوص مسلحين .

وفى اليوم التالي أذيع خبر مقتل ضابط " الصاعقة " في حادث لصوصية ،فطارق نفسه الذي كان شاهد عيان على الحادث الذي وقع أمام عينيه ولم يشك لحظة في أن الحادث عرضي وقع بالصدفة لسوء حظ خليل وأن المنفذون لصوص محترفون ، بينما كان أبو محمد في اليوم التالي يشكر الرفاق الذين نفذوا العملية بدقة متناهية ويوكل تنفيذ المرحلة الثانية من العملية إلى فريق آخر بقيادة الضابط حسين .

كان طارق يتهيأ للنوم في شقته حين قرع جرس الباب . لما فتحه وجد أمامه شخصاً طلب إليه بكل تهذيب أن يحرك سيارته المتوقفة أمام البناية متراً واحداً ليتسنى له توقيف سيارته هو الآخر . فسيارة طارق كانت تحتل مكان سيارتين فقال للطارق :

Ø     لحظة واحدة .

انتظر الرجل على الباب حين انتعل حذاءه ونزل معه على الدرج وقبل أن يصل إلى بهو العمارة بلحظات قال له حسين ويده شفى جيبه .

Ø     أسمعني جيداً . نريدك أن تذهب معنا بلا ضجيج ولا صراخ وإلا ستموت هنا على هذه الدرجات .

ذهل طارق وظن أن الرجل يمزح معه لكنه حين نظر وراءه رأى شخصاً لآخر يحمل في يده مسدساً .

وعند زاوية المدخل رأى رجل لآخر يصوب إليه مع مسدسه نظرات نارية ، حاول أن يصرخ لكن الصرخة تجمدت في حنجرته التي تحشرجت فأدرك أنه وقع ولا نجاة ، والأفضل أن يذهب معهم بكل هدوء . أمام باب السيارة قال لهم ، " هل أستطيع تغيير ملابسي؟ ولم يجبه أحد . فقد دفعه كريم في المقعد الخلفي لتنطلق السيارة بالجميع إلي مقر مكافحة التجسس ، ليبدأ التحقيق مع طارق .

طارق في الفخ

استمر التحقيق مع طارق ثلاثة أيام كاملة بلياليها تمنى خلالها ألف مرة لو أنه قتل مع النقيب خليل . فقد وجد أن المخابرات الفلسطينية تحتفظ له بملف كامل فيه كل شئ عن حياته وأعماله . وحين أدخلوه على أبو محمد ، دخل منكس الرأس ذليلاً يتمنى في قرارة نفسه لو أن الأرض تنشق تحت قدميه وتبلعه حياً ، فقد كان الموت أهون عليه من هذا العرى الذليل ، وهو الذي كان يظن أن الناس تنظر إليه نظرتها إلى شباب وطني قومي يعمل لصالح المقاومة الفلسطينية . خفض عينيه بانكسار مهين حين التقتا بعيني أبو محمد الجالس خلف مكتبه . طال الصمت وهو يتمزق قبل أن يشير إليه أبو محمد بالجلوس . فجلس وأبو محمد يسأله .

Ø     ألم تفكر يوماً بهذا الموقف ؟

Ø     لقد أجبروني وابتزوني . لست خائناً .. أقسم لك .

Ø     قاطعه أبو محمد بحسم : اخرس . ألا تعرف كم قتل من الأبرياء بسبب خيانتك ؟ وزهير محسن هل نسيته ؟

Ø     لقد خوفوني .

Ø     هل يساوى خوفك كل هذا الدم الذي نزف من أهلنا وأهلك في لبنان ؟ أليس هذا شعبك الذي تقصفه الطائرات الإسرائيلية بناء على خيانتك وخيانة خليل ؟

Ø     خليل هو الذي وضع الخرائط .

Ø     اخرس ، الست أنت أساس البلاء يا حيوان ؟ صحيح أنك ميت الضمير ، لكن إذا كان ضميرك وشرفك قد ماتا ولم يبق فيك غير الخوف ، فهل تعتقد أنك بعيد عنا ؟ هل تظن أن يد " الموساد " أطول من يدنا ؟ كان باستطاعتنا قتلك مع خليل ، ولكن قررنا أن نبقى على حياتك ، بحثاً عن ذرة قد تكون بقيت حية من ضميرك الميت .

فكر طارق :

Ø     " إذن موت خليل لم يكن صدفة ، ولا اللصوص كانوا لصوصاً . العملية كلها مدبرة . يا إلهي . كان يجب على أن أدرك ذلك " .

Ø     نشله صوت أبو محمد من تفكيره وهو يقول له : لقد قررنا أن نعطيك حق تقرير مصيرك . فلك وحدك القرار في أن تموت شر ميتة أو تحيا .

Ø     أمسك طارق بآخر كلمات أبو محمد بلهفة قائلاً : أنا تحت أمرك . اطلب منى ما تشاء .

Ø     نريدك أن تواصل العمل مع " الموساد " .

Ø     ذهل طارق وظن أنهم يريدون تصفيته بالجرم المشهود . فقال :  لم أفهم قصدك .

Ø     فقال أبو محمد بهدوء حازم : نريدك أن تبقى على اتصالاتك المنتظمة معهم ولكن بتوجيهاتنا نحن . هل تفهم ؟

Ø     فهمت .

Ø     لا أعتقد أنني بحاجة لاقناعك بعدم الخيانة . فإياك أن تلعب معنا . لأنك عندئذ لن تستطيع الانتحار ولم تعرف غير الألم الدائم . لأننا لا نقتلك برصاصة قيمتها 25 سنتاً أمريكياً .

فابتسم أبو محمد لأول مرة في الجلسة . هو الذي دأب على مقارعة " الموساد " سنوات طويلة . لكن بالرغم من ذلك فقد أحس طارق في ابتسامة أبو محمد شئ من الدفء وارتاحت أعصابه حين قال له أبو محمد :

Ø     لا تخشى شيئاً . فنحن نعرفهم جيداً ونعرف طريقة تفكيرهم وتصرفاتهم وامتحاناتهم التي سنجعلك تنجح فيها بتفوق . والرائد حسين سيكون المسؤول عنك وعن تدريبك واعطائك المعلومات .

بدأت جلسات إعادة التأهيل مع حسين الذي جعله يضع أيام الاعتقال الثلاثة في قاع الذاكرة دون أن ينساها تمتماً . وأفهمه بأن لا يخبرهم عن مقتل خليل بواسطة الجهاز . إن من الضروري أن يسافر إلى أوروبا وأن يتصل بهم هناك . لأنه سيأخذونه إلى تل أبيب وأفهمه أن لا يخبرهم بأي شئ عن اعتقاله لأنهم لا يعلمون أي شئ عنه . فموعد الاتصال بهم غداً وسيكون وقتها في البيت .

Ø     " وغداّ سنزودك بكل المعلومات الضرورية لتقولها لهم عند التقائك بهم في أوروبا " .