وبدأت العلاقة تتوطد بين سوزان وسلمان واللقاءات تتكرر في حين كانت الفتاة طوال الوقت تدرس شخصية سلمان من جميع الجوانب، حالته المادية، علاقته بمسئوليه، وبمعارفه وهواياته، ارتباطاته العائلية، حبه للظهور، سريته في العمل، طموحاته حبه للمال وعلاقته مع الجنس الآخر . وفى نفس الوقت كان هو يجيب عن كل تساؤلاتها ويسرب إليها بطريق غير مباشر وبالاتفاق مع أبو محمد – معطيات حوله حتى بلغت الموساد الطعم . وهذه المرحلة كانت الأصعب فقد كانت الخطة تتركز على ترشيح سلمان بطريقة سليمة، وكان لابد أن يكون الطعم مغرياً . وفعلاً، ما إن مرت خمسة أيام على زيارة سوزان حتى فوجئ الشاب بعرض مثير تقدمه له، فقد عرضت عليه السفر إلى باريس للعمل في إحدى شركات والدها وكان هو قد اشتكى مبدياً تذمره من العمل مع المنظمة، لأنه متعب ويستغرق كل وقته وأنه أصيب بالإرهاق من هذه الدوامة إلا أن أبو محمد طمأنه إلى أنه لم يبدأ بالعمل الجدي بعد . وان كانت هذه أهم مرحلة . وعندما جاء العرض بدأ الشاب يشعر بالرهبة والقلق والحماس . وكانت مشاعر متداخلة انتابته وهو يستمع إلى اقتراح الفتاة إلا أن رده كان مدروساً أيضاً،

Ø     فقالا لها : " هذا مجهود أشكرك عليه . ولكن هل اقدم استقالتي من عملي ؟ "

ارتبكت بعد أن انتقل إلى مرحلة الهجوم

Ø                             وقالت : " كلا ، لماذا تستقيل ؟ قد لا يعجبك العمل في باريس فتعود . وحتى لا تخسر كل شئ ، خذ إجازة عادية

Ø                             وهناك قرر : إما أن تستقيل أو تعود إلى عملك " .

لم تكن المسألة سهلة ، فالحذر واجب وجميع الاحتمالات واردة . والعرض الذي قدمته الموساد سريعاّ يثير الشكوك . فإما أنهم بلعوا الطعم فعلاً أو أنهم يستدرجون الشاب إلى باريس، ولكنهم على كل حال لا يزالون يجمعون المعلومات حول سلمان من مصادرهم في تل أبيب وعملائهم في الخارج .

وبدأت التعقيدات المفتعلة تواجه سوزان في سفر الشاب، فقد طلب منها إمهاله عدة أيام حتى يقنع المسؤولين عنه بأخذ إجازة ، ثم ليبحث عن أحد الأصدقاء ليستدين مبلغاً من المال يؤمن به ثمن التذكرة ، وفعلاً أصبح بعيداً عن الشكوك إذ لم يترك ثغرة واحدة . إلا أن الموساد لم تقرر بعد أن تضع فيه ثقتها حتى يتعرض لاختبارات عديدة أحياناً لا ترى بالعين المجردة . ولكن أبو محمد الذي كان يوجهه لم يتركه وحده يواجه مصيره المجهول في باريس فبعد أن تقرر السفر في 6 تشرين الثاني  كلف فريقاً من المخابرات الفلسطينية بمراقبته مراقبة سرية دون أن يعرف هو بذلك .

الوصول إلى باريس

 وصل سلمان بصحبة سوزان إلى مطار أورلي في باريس . وبعد إتمام الإجراءات الروتينية في المطار، كانت سيارة زرقاء من نوع " رينو 9 " في انتظارها . وحمل الحقائب سائق كان طويل القامة وذا شعر أسود ويضع على رأسه قبعة فرنسية من النوع الذي يرتديه سكان مارسيليا . وكان إلمام إبراهيم بالفرنسية ضعيفاً ولكنه كان قادراً على فهم الحديث .

انطلقت السيارة باتجاه أحد فنادق الدرجة الأولى في باريس، وتوقف السائق وأنزل الحقائب، فصافحته سوزان مودعة وهى تقول له : " سأتصل بك فيما بعد "ووجد سلمان غرفة محجوزة باسمه في الفندق وسرعان ما تمت الإجراءات الروتينية ونزل في الغرفة رقم 620 .

وكان سلمان منهكاً ذلك المساء . فاستغرق في نوم عميق . وفى صباح اليوم التالي نهض واستحم، ثم تذكر أمراً مهماً فماذا لو لم تتصل به سوزان ؟ نزل إلى بهو الفندق وجلس ينتظر وطال انتظاره . و مضى اليوم الثاني ثم الثالث دون أن تتصل أو تأتى فشعر بالقلق . وصار يعتقد انه تعرض لمقلب سخيف ، وأصبح في ورطة حقا . فالفندق نفقاته مرتفعة ، والمبلغ الذي يحمله لا يكفى، وبدأت الهواجس تنتابه من كل الجهات . وكان برنامجه اليومي يقضى بأن يخرج في الصباح والمساء فيتجول قليلاً في شوارع باريس ويتوقف أمام الواجهات ثم يعود إلى الفندق . وأنه سيعرف أنه في أسوأ الأحوال سيتصل هاتفياً مع أبو محمد لحل المشكلات المالية على الأقل. ولكن المخاوف المالية كانت أصغر المخاوف الأخرى التي كان يحس بها .

في صباح اليوم الرابع جلس كعادته في بهو الفندق يحتسى القهوة. عند الساعة الثامنة والنصف . فتقدم منه رجل قصير القامة، ممتلئ الجسم قوى البنية كأنه مصارع، في الخمسين من العمر .

Ø     وقال بلغة عربية ذات لهجة شمال أفريقية : " ممكن أجلس ؟ " نظر إليه سلمان ، فاعتقد أن الرجل الغريب من الثقلاء الفضوليين.

Ø     فرد عليه بضجر واضح : " تفضل " فجلس الرجل بجانبه

Ø     وقال وهو يطلق ابتسامة خبيثة : " كيف حالك ؟ " .

استغرب الشاب هذا التطفل

Ø     وقال باقتضاب : " الحمد لله " . وواصل الرجل هجومه المفاجئ

Ø     فأجابه : قائلا : " هل جئت تبحث عن عمل في باريس أم أنك هنا للسياحة " .

Ø     فأجابه : " جئت أبحث عن عمل، فان لم أوفق اعتبرها سياحة " .

Ø     نظر الرجل إلى سلمان نظرة فاحصة ثم همس : " أنا سأساعدك " .

هم سلمان بالنهوض ليترك المكان .

Ø     لكنه قال للرجل : " هذا أسلوب سخيف وأنا لم أطلب مساعدتك " ! وضع الرجل يده على كتف الشاب وقال بلهجة آمرة 

Ø     " اجلس .. أريد أن أتحدث معك " .

 فجلس سلمان يستمع إلى هذا الرجل الغريب، الذي بدأ جولة جديدة في الحديث :

Ø     " أريدك أن تسمع كلامي جيدا، إن منظرك الكئيب يؤكد أنك لست سائحاً واما جئت تبحث عن عمل، وأنا سأساعدك وسأضع بين يديك فرصة العمر . والفرصة تأتى مرة واحدة، إما أن تستغلها وتصعد إلى أعلى واما أن تكون غبياً وتبقى في الحضيض " .

Ø     قاطعه سلمان قائلاً : " أدخل في الموضوع "

Ø     " جميل سنصبح أصدقاء . باستطاعتك منادتى جون . ما اسمك ؟

Ø     " فرد عليه قائلاً : " إبراهيم " .

Ø     واصل جون حديثه : " أنت بحاجة الآن إلى تغطية نفقات الفندق، وقد جئتك بعد أن سمعت موظفة الفندق تطالبك بدفع مبلغ معين واعتذرت أنت ووعدتها بأنك ستدفع غداً أو بعد غد . لكنك لم تلاحظني . كنت أقف على مقربة منك وسمعت الحديث . ولهذا السبب جئت أتحدث معك " .

Ø     عندئذ صاح سلمان وقد تذكر أمراً مهما ً : " أنت والد سوزان أليس كذلك ؟ أنا آسف لم أنتبه إليك ولم أعرفك " .

Ø     لم يدعه جون يسترسل في اعتذاراته فقال : " من سوزان هذه التي تتحدث عنها ؟ لا أعرف عن من تتحدث " .

Ø     فاختصر سلمان النقاش وقال : " لا أحد أكمل حديثك

Ø     فسأله جون : " ما هو عملك بالضبط ؟ "

Ø     قال : " قبل عملي كيف تعلمت اللغة العربية ؟ "

Ø     قهقه جون ضاحكاً وقال : " " لأنني أعمل مع العرب يا صديقي " .

Ø     أدرك الشاب منذ اللحظات الأولى أن الرجل من الموساد ولكنه تظاهر بعدم معرفة هوية جون، ومثل الرجل من الموساد ولكنه تظاهر بعدم معرفة هوية جون، ومثل الدور، وأخذ يتراجع شيئاً وقال همساً بعد أن مال برأسه نحو جون

Ø     " في منظمة التحرير الفلسطينية "،

Ø     وسأله جون : " ولماذا تبحث عن عمل ؟

Ø     أجاب : أسباب كثيرة، الراتب القليل، ولا يوجد مستقبل في العمل مع المنظمة، إضافة إلى خطورة عملي " . وواصل تذمره من عمله، في حين كانت علامات الارتياح تبدو على وجه جون وهو يستمع إلى هذه الحكاية.

Ø     ثم عاد سلمان وقال له : " إن أردت مساعدتي فعلاً ابحث عن سوزان . والدها معروف ويمتلك شركات في باريس ولندن ، وقد وعدتني بالعمل مع والدها " .

Ø     وقاطعه جون بعصبية قائلاً : " دعك من سوزان هذه . أنا سأساعدك .

Ø     ثم كيف سأبحث عنها . هل تعتقد أنك في قرية ! أنت في باريس " .

Ø     وسأله سلمان : " ماذا سأعمل معك ؟ هل لديك شركة ؟ "

Ø     أجاب جون : " دخلنا في الموضوع . ستعمل مع المخابرات الإسرائيلية " .

Ø     ونهض سلمان وقال : " ابتعد عنى لا أريد أن أراك ثانية هنا " .

بقى جون جالساً وكأن سلمان يوجه حديثه إلى شخص آخر . في تلك اللحظة أخرج جون ظرفاً صغيراً بني اللون، وألقاه على الطاولة ثم نهض وقال وهو يحدق في سلمان

Ø     " فكر جيداً يا إبراهيم سلمان أنت الآن في قبضتي ولن تفلت منى . إما أن تفهم وتكون عاقلاً واما .. الجواب في الظرف " .

وانصرف جون خارجاً من الفندق، بينما امتدت يد سلمان وهى ترتعش وتناول الظرف ليجد 6 صور بالأسود والأبيض، لأفراد عائلته في الأرض المحتلة، التقطت أمام منزلهم وفى أماكن أخرى بالشارع والأسواق، وهى صور لوالده ووالدته وأخواته وإخوانه .

عملية ابتزاز

 أحس سلمان بالدنيا تدور به ، وعلى الرغم من انه يعرف مسبقا انه سيتعرض إلى عمليات ابتزاز بأي شكل من الأشكال لكنه يواجه امتحانا صعبا . وخرج من الفندق هائماً على وجهه ، فالمفاجأة كان لها وقع على نفسيته ورغم أنه كان يمثل دوراً، إلا أن عواطفه ومشاعره تجاه عائلته لا تقل أهمية عن إيمانه بقضيته ووطنه . وكان يعرف تماماً كيف سيتصرف، وتصرف بشكل سليم، ولكنه كان يحس بغليان داخل صدره .

بعد ساعة عاد إلى الفندق ومكث في غرفته حتى الساعة الثامنة مساءً عندما رن جرس الهاتف في غرفته، فرفع السماعة فسمع صوت جون على الطرف الآخر يقول له

Ø     " أهلاً إبراهيم .. أنا في الفندق تحت في انتظارك " .

مضت دقائق قبل أن يهبط إلى بهو الفندق، فوجد جون في انتظاره جالساً بمفرده تقدم منه وجلس دون أن يصافحه .

Ø     وبدأت لهجة جون تتبدل وأخذ يتحدث قائلاً : " أعتقد أنك غاضب منى . ولكن ستعرف أنني فعلت ذلك لمصلحتك . لديك مستقبل كبير معنا، وستحصل على المال الذي تريده . وثق تماماً أن أحد لا يمس أهلك ، ولم يكن أمامي إلا أن أفعل ذلك لأنك عنيد . ولو طاوعتني منذ البداية لما صدمتك . أرجو أن تنسى الموضوع تماماً ودعنا لنبدأ صفحة جديدة من العمل لدينا عمل كثير . سأدفع عنك نفقات الفندق وتذكرة السفر وسأعطيك بعض النقود لتأخذها معك " .

Ø     تظاهر سلمان بالاقتناع تدريجياً بحديث جون وقال : " من يضمن لي أنكم لم تمسوا عائلتي ؟ ! " .

Ø     ابتسم جون بغرور وقال : " أنت الضامن ؟ "

Ø     وسأل سلمان : كيف ؟

Ø     قال جون : " ما دمت تعمل معنا بصدق وتطيع أوامري فلن يمس أحد عائلتك . بالعكس، باستطاعتك زيارتهم في إسرائيل، وسنعطيك جواز سفر إسرائيليا ولم يعرف أحد أنك زرت إسرائيل " .

Ø     ورد سلمان : " ولكن أهلي سيعرفون وهذا أمر مرفوض " .

Ø     وبدت علامات الارتياح على جون وهو يقول : " كما تريد . الحذر مفيد ، وأنت عاقل " ثم أضاف : " لم يبق معنا وقت كثير . إجازتك ستنتهي ويجب أن تعود بأسرع وقت . لدينا جلسة عمل الليلة " .

نهض جون وتبعه سلمان إلى خارج الفندق، حيث كانت تقف سيارته وهى من نوع " بيجو 604 " .

وانطلقت هذه السيارة البيضاء في شوارع باريس، متبعة طرقاً ملتوية، حتى توقفت قرب إحدى العمارات فنزل الاثنان وتوجها إلى بناية قديمة ولكنها عصرية من الداخل . لم يستخدم جون المصعد، أشار إلى الشاب أن يتبعه على الدرج المؤدى إلى الطابق الأول . وتوقف أمام إحدى الشقق وضغط على الجرس مرة واحدة . وبعد لحظات طرق على الباب طرقاً خفيفاً ثلاث مرات . انفتح الباب وأطل منه رجل في الأربعين من العمر طويل القامة نحيف وأسمر البشرة،

Ø     وقال مرحباً : " أهلاً " دخل الرجلان وأغلق الباب ، وبعد دردشة قصيرة في الصالون .

Ø     قال جون " مستر دافيد سيعلمك الكتابة بالحبر السري " .

وبدأ الرجل عمله على الفور دون مقدمات . وخلال ساعة كان سلمان قد أتقن العملية، فحمل الرجل حقيبته وانصرف، بينما بقى جون وسلمان وحدهما . وما أن خرج الرجل، حتى بدأ جون في الحديث عن العمل بشكل عام، وأخذ يعطى سلمان درساً بالأمن الشخصي . وقال له يجب ألا يتوجه إلى أي مكان يقصده مباشرة واما عليه أن يتبع طريقاً ملتوياً حتى يتأكد من أن أحد لا يتبعه فيقصد المكان الذي يريد . وأضاف جون أن عليه أن يأخذ سيارة أجرة إلى مكان معين ثم ينزل منها ويسير مسافة على قدميه، وبعد ذلك يأخذ سيارة أجرة ثانية ولا ينزل أمام المكان المطلوب مباشرة بل يسير مسافة على قدميه فيتوقف أمام واجهة ما ، ويتظاهر بمشاهدة الصحف أو الأشياء المعروضة ، ثم ينظر في زجاج الواجهة ليشاهد من يقف خلفه، وبعد ذلك يدخل . فان كان الذي يقف خلفه يقصده فانه سيتبعه .

Ø     قال سلمان معترضاً : " هذا عمل معقد ومتعب ومكلف

Ø     واجاب جون : " التكاليف ندفعها نحن . انك وسلامتك مسئوليتنا ونحافظ عليك . المطلوب فقط أن تحضر لي الفواتير حتى لو دفعت ثمن علبة سجائر . أما التعب والتعقيد فسرعان ما تتعود عليهما ليصبحا جزءاً من سلوكك اليومي " .

Ø     قال سلمان : " كيف سأحضر فواتير بأجرة تاكسي أو علبة سجائر ؟

Ø     قال جون : " أكتب فقط المبلغ والتاريخ والوجهة التي قصدتها وتوقيعك " .

Ø     ثم أضاف : " وبالنسبة إلى وسائل الاتصال فسأعطيك رقم هاتف في باريس، لا تستعمله إلا إذا زرت العاصمة الفرنسية وفى حالات الضرورة القصوى . ثم لا تتحدث معي من هاتف منزلك . بل انزل إلى أي هاتف في الشارع واطلبني . وحتى في باريس لا تطلبني من الفندق . وعندما تستعمل الهاتف تقول التالي فقط بدون كلام كثير، فأنتم العرب تحبون الكلام الكثير في الهاتف . قل : " أنا جاك وأريد جون ورقم هاتفي كذا في باريس بقلب الأرقام وتبديلها . ولا تضف شيئاً وبعد أن تترك الرسالة اقفل الخط ولا علاقة لك بالباقي " . واتفق معه على شيفرة معينة لرقم الهاتف .

Ø     ثم قال : " يجب أن تعود إلي باريس خلال شهر ، وإياك أن تحاول الهرب لأن الموساد قادرة على أن تصل إليك ولو كنت في آخر الدنيا . هل تفهم ؟ سأعطيك الآن عناوين ترسل إليها رسائلك بالحبر السري في باريس ولندن وروما . أرسل إلى أي عنوان تريده . وإذا استدعى الأمر في حالات الضرورة القصوى اتصل بي بالهاتف للإبلاغ عن عملية إرهابية مثلاً أو أي شئ من هذا القبيل وسنتفق على شيفرة للحديث بالهاتف . وأنا سأرسل لك بالبريد رسائل الحبر السري . فيها الأسئلة التي نريد إجابات عنها " .

ونهض جون إلى غرفة داخلية وأحضر حقيبة صغيرة سوداء ، فتحها وقال: 

Ø     " هذا جيب سرى في الحقيبة لن ينتبه إليه أحد في المطارات . تضع الأوراق المهمة والفلوس فيه، وبالمناسبة لا تضع فلوسك في البنك، لأن كل البنوك مراقبة من المخابرات وهذا كفيل بان يفتح عليك العيون . كذلك لا تحاول أن تنفق أموالاً كثيرة أمام أشخاص يعرفونك .. ابق كما أنت وحاول أن لا تغير أي شئ في سلوكك وكن حذراً " .

ثم ناوله ورقة الأسئلة وثمن التذكرة ونفقات الفندق ومبلغ ألف دولار ليتمكن من السفر مرة أخرى إلى باريس .

Ø     وقال جون : " أية نفقات تطلبها ستحصل عليها . حاول التقرب من زجال منظمة التحرير ووسع علاقاتك . ولديك المال الكافي لذلك ، ولكن لا تتهور . كن متزناً وحذراً وقريباً سنوفر لك غطاءاً مالياً إن احتجت إلى ذلك " .

Ø     وتحرك سلما في مقعده وقال : " هذه أمور صعبة وليس من السهل على استيعابها بسرعة " .

Ø     فرد جون : " أعرف ذلك وعندما تأتى إلى باريس ، وتترك لي الرسالة سأتصل بك بالهاتف في اليوم نفسه أو في اليوم التالي ، و أقول لك : سنتقابل اليوم الساعة كذا .. فتعرف مباشرة أن اللقاء بيننا سيكون في هذه الشقة . وعندما تقوم بالإجراءات الأمنية التي شرحتها لك، وتدخل من باب هذه العمارة أية عمارة تدخلها ولا تتوجه مباشرة إلى الطابق الذي تريده . فإذا كان الطابق الرابع مثلاً، تصعد بالمصعد إلى الطابق الخامس أو السادس وتنزل على الدرج مفهوم ؟ " .

Ø     قال سلمان وقد أحس بالضجر : " هذا تعقيد لم أتعدو عليه " .

Ø     فأجاب جون: " يجب أن تتعود عليه يا صديقي . أنا أعيش بهذا الأسلوب منذ عشرين سنة . والمسألة بسيطة ولا تخف " .

وواصل جون شرح بعض الإجراءات الأمنية الإضافية ومنها كيف يؤمن شقته بحيث يترك علامات صغيرة للغاية ليتأكد لدى عودته يومياً إلى المنزل مما إذا كان أحد قد دخل الشقة في غيابه أم لا ، وكيف يتعامل مع سائقي الأجرة ممن يعملون مرشدين للمخابرات والبعض الآخر رجال من المخابرات يعملون بعد الظهر في مهمات خاصة " . ثم قام بتدريبه على إدارة النقاشات وجمع المعلومات والمصدر ومدى مصداقيته . وقال له في ما لو التقى به صدفة في فندق أو لأي مكان أو في الشارع إلا يسلم عليه أو يحدثه وكأنه لا يعرفه ، ولا يتبادل معه حتى التحية .

وبدأ الشاب في تنفيذ المهمة الأولى للموساد.