( حرج الصنوبر، المرفأ، المحجر الصحي )

قام السيِّد عبد الفتاح آغا حمادة بغرس أشجار الصنوبر في ضاحية بيروت جنوباً، والواقع أن غرسها زيد في عهد الأمير فخر الدين الثاني بتصميم من الإيطاليين الذين قدموا معه من إيطاليا.

واستمرت بيروت وحيفا وطرابلس وأنطاكية وأسكندرون، كموانئ يكثر قدوم السفن الأوروبية إليها، وهي المحطات الرئيسية لتجارة الشرق.

وازدهرت تجارة بيروت، بعد أن رخَّص إبراهيم باشا للأجانب في إرسال معتمديهم إلى دمشق وكانوا يمنعون من دخولها، فنزل وكلاؤهم السواحل مثل بيروت وصيدا وعكا وطرابلس. وتقدَّم مرفأ بيروت على المرافئ السورية الأخرى، مما أدَّى إلى إقامة عدد كبير من التجار في بيروت، إضافة إلى القناصل ووكلاء الدول الأوروبية المختلفة.

وكانت بيروت تصدَّر الحرير الخام والقطن والزيتون والتين إلى القاهرة ودمشق وحلب. وكان رصيف مرفأ بيروت يتألف في بعض أجزائه من أعمدة غرانيتية قديمة، وبإزاء الماء قامت جملة من مباني القنصليات الأجنبية. وقد ساعد في ذلك، توسيع ميناء بيروت بعد ردم الميناء الصغير. وكان السواح يصلون مرفأ بيروت بواسطة السفن الأوروبية المختلفة، لأنهم يجدون بيروت خير نقطة يبدأون منها سياحتهم في الشرق.

ثم أنشأ إبراهيم باشا {المحجر الصحي}، شرق قاعة المرفأ في سنة 1250هـ/1834م، ويبعد قليلاً عن جامع الخضر. وقد استطاع هذا المحجر أن يقي بيروت وسوريا، طوال خمسة عشر شهراً من الطاعون الذي كان متفشياً في القسطنطينية وأزمير وقبرص ومصر، وهي البلدان التي كانت تفد منها السفن المشحونة بالركاب والبضائع إلى مرفأ بيروت.

أنشأ هذا المحجر الصحي، خوفاً من تفشي الأمراض المعديّة في حال إصابتهم بها. وكانت مدة العزل تصل أحياناً إلى 40 يوماً، أي (Quaranteine) ومن هنا تسمية كرنتينا.

وعندما زار إدوار روبنصون بيروت في سنة 1254هـ/27 حزيران سنة 1838م، ذكر أن النطاق الصحي رفع عن بيروت أو جرى إهماله، لأنه لم تقع إصابات بالطاعون منذ أسبوعين أو ثلاثة أسابيع.

عودة للفصل الرابع

عودة للباب الخامس

عودة للصفحة الرئيسية